مفهوم السمع والطاعة من المفاهيم الذي حدث فيها الكثير من الاختلاط والاختلاف في الفهم الذي يرجع غالبا ً لعدم سماع بعض الأطراف من البعض بصورة جيدة ويظنون الاختلاف في حين أنهم متفقون ولكن الفرق أنهم يتحدثون عن حالتين مختلفتين ...
أولا :
سنبدأ بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم :" إسمع وأطع لمن كان عليك وإن كان عبدا حبشيا مجدعا "
وقال :" اسمع وأطع في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثره عليك وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك "
وفي الحديث الصحيح الآخر :قلت : يا رسول الله صفهم لنا . قال : - هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا - . قلت : ( يا رسول الله ) فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟ قال : تلتزم جماعة المسلمين وإمامهم ( تسمع وتطيع الأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع ).
يجب أولا أن نفهم ما معنى أحاديث الرسول السالفة - وسنورد أحاديثا أخرى بعد ذلك للتوضيح - ؟؟
ديننا يتحدث الآن عن الحاكم المسلم الذي يحكم في المسلمين بشريعة الله ويقيم حدوده
حرم الاسلام الخروج على هذا الحاكم - وهناك فرق بين الخروج وبين الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والاعتراض على الظلم - لأن في الخروج على الحاكم من طائفة تظن أنها على الحق في وقت هذا الحاكم سيؤدي إلى سفك دماء ومفاسد الله اعلم بها قد تكون في وجه المصالح التي في الخروج أضعافا وأضعاف ثم تأتي طائفة أخرى يظنون أنهم أحق وهكذا ولا ننسى أن الذين خرجوا على عثمان رضي الله عنه كانوا يرونه ظالما !! ...
ولو تأملنا في الحديث الآخر الذي تحدث فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن الفتن التي سيتلو بعضها بعض وامر الصحابي بالتزام حاكم المسلمين وإمامهم وإن ظلم مادام يقيم الشرع فسنجد أن الحديث فيه فائدة عظيمة وهي أن خروج البعض على حاكم مسلم في وقت فتن قد يزيد من هذه الفتن بل قد يسقط دولة الاسلام فيكون الصبر على الظلم وقتها أقل مفسدة من الخروج نفسه ...
لذا فسنجد أن الاسلام يدور دوما ً مع القاعدة الجليلة وهي " درء المفسدة أولى من جلب المنفعة "
ثانيا :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله "
وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عندما خرج الرجل من المسجد اعتراضا على تقديم مروان للخطبة في العيد على الصلاة فقال أبو سعيد رضي الله عنه عن أمر الرجل بالمعروف لمروان :" أما هذا - واشار للرجل وهو خارج - فقد ادى ما عليه "
فلا يوجد في الإسلام حاكم فوق المسائلة بل يجب على علماء المسلمين دوما نصح الحاكم وامره بالمعروف ونهيه عن المنكر ما استطاعوا بالشدة وباللين وبهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم " الدين النصيحة .. حتى قوله لائمة المسلمين وعامتهم "
ثالثا ً :
ما الموقف من الحاكم إذا لم يحكم بشرع الله من الأصل ؟؟
من غير جدال فإن تغيير هذا الحاكم فيه خير للمسلمين لأن الكثير من الواجبات الشرعية تتوقف بوجوده ومنعه لها ولكن تترك الأمور وقتها للاستطاعة ؟؟
هل يستطيع المسلمون في وقت هذا الحاكم أن يغيروه بحيث تكون مفاسد تغييره أقل من المصالح التي ستترتب عليها
أم أن تغييره سيتسبب في فتن للبلاد والعباد الله اعلم بها
على هذه الأسس يتم الحساب وقتها ...
هذا الذي ذكرته هو ما قال به علماء المسلمين قديما ً وحديثا ً على خلاف ما يحاول بعض العلمانيين أن يصوروا أن الاسلام يعطي للحاكم ألوهية وقداسة خاصة !
وهذا لم يحدث في الاسلام أبدا من أيام عمر رضي الله عنه ,, والعلماء حينما يأمرون بطاعة الحاكم فهم يأمرون بذلك في الاطار السابق .. أي أنه أمر بعدم اثارة الفتن دون فائدة ووعي حيث لا ترجع الفائدة على المسلمين بل تزيد النقم والبلايا ...
ونسأل الله أن يهييء لأمتنا أمر رشد يرفع فيه أهل طاعته ويخفض أهل معصيته
وبارك الله فيكم